ورقة بحثية: حالة الاستثناء في تونس – في ظل حكم الرئيس قيس سعيد

احيانًا تفرض ظروف سياسية أو اقتصادية أو حتى كوارث طبيعية على الدول أن تغير بشكل جذري وحاد من سياساتها العامة لتلائم اللحظة الحالية، وتتعاطى معها بهدف الحفاظ على الدولة، وإعادتها لمسارها الطبيعي في أقرب وقت ممكن. وهو الأمر الذي عادة ما تنظمه الدول عن طريق قوانين طوارئ يتم بموجبها اللجوء لإجراءات استثنائية لفترة محددة، والتي تتضمن عادة توسيع صلاحيات سلطات الدولة وتقييد الحريات العامة للمواطنين. خروجًا على القواعد الدستورية أو القانونية السارية في البلاد.

وحالات الاستثناء بطبيعتها لا يفترض أن تكون دائمة أو طويلة، فالإجراءات الاستثنائية في حال تم ممارستها في ظل نظام غير ديموقراطي، أو لفترات طويلة قد تدخل البلاد في دوامة من العنف السياسي بسبب تشتُّت القوى السياسية والمجتمعية ما بين مناصرين ومعارضين لحالة الاستثناء، فضلًا عن إضعاف تلك القوى بسبب القيود التي يتم فرضها عليها، وهو ما يهدد النظام الديموقراطي في أي دولة ويمهد لتحويلها لدولة قمعية أو استمرارها في هذا الوضع، إذا ما كانت كذلك قبل فرض حالة الاستثناء. حيث يصاحب حالة الاستثناء عادة انتهاكات واسعة لحقوق المواطنين وحرياتهم لاسيما حقهم في التنظيم السلمي، وفي التظاهر، وفي حرية التعبير.

تحاول هذه الورقة دراسة أثر الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد على وضع حقوق الانسان في تونس والتي بدأت في يوليو 2021. حيث تبدأ الورقة بتعريف حالة الاستثناء وتعرض بعض النماذج لها من إقليم شمال افريقيا والشرق الأوسط، ثم تنتقل لتأطير وسرد أبعاد حالة الاستثناء في تونس، ومدى التزام هذه الإجراءات بالقواعد الدستورية وقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتحاول ايضًا استكشاف آثار هذه الحالة على وضع حقوق الإنسان داخل تونس، وفي نهايتها تقدم الورقة بعض التوصيات اللازمة للتعامل مع الأزمة التي انتجتها الإجراءات الاستثنائية في تونس.

اعتمدت هذه الورقة على قراءة ما هو متاح من مصادر أولية وثانوية حول وضع الديموقراطية وحقوق الإنسان في تونس في الفترة التي تلت 25 يوليو 2021 وحتى وقت اعداد هذه الورقة في أغسطس 2023. شملت هذه المصادر الدستور التونسي الصادر عام 2014 والدستور الجديد الصادر عام 2023 وكذلك الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت إليها تونس. اعتمدت الورقة ايضًا على قراءة وتحليل للعديد من الأوراق البحثية والتقارير الصادرة عن مراكز بحثية ومنظمات حقوقية دولية ومحلية، بالإضافة للاطلاع على المواد التي توفرها وسائل الاعلام الدولية والمحلية حول الوضع في تونس.

أعد هذه الورقة البحثية الباحثان مارسيليا العسالي وأنوار بشير، المتدربان ضمن برنامج زمالة شباب من أجل الحقوق الذي ينظمه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان. الورقة هي نتاج فترة تدريب عملي امتدت لمدة شهرين في منظمة هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية تحت إشراف مدير البرامج مصطفى فؤاد ضمن المرحلة الثانية من برنامج الزمالة. وقد سبقه تدريب نظري لمدة شهرين في القانون الدولي وحقوق الإنسان ضمن المرحلة الأولى من برنامج الزمالة.

Facebook
Twitter
Email
Print

Facebook

Twitter