تصعيد خطير: الحوثيون يختطفون موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية ويعمّقون الأزمة الإنسانية في اليمن.

تدين منظمة هيومينا حملة الاعتقالات التعسفية التي قامت بها جماعة أنصار الله (الحوثيين) يوم الخميس الموافق 23 يناير/كانون الثاني 2025، والتي استهدفت موظفين يعملون في “برنامج الغذاء العالمي” و”منظمة اليونيسف”. يأتي هذا التصعيد في إطار سياسة ممنهجة ومستمرة تتبعها الجماعة ضد العاملين في المجال الإنساني، مما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويزيد من معاناة المدنيين الذين يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الإغاثية من أجل البقاء على قيد الحياة. إن استمرار هذه الانتهاكات يقوض فقط سيادة القانون و يهدد سلامة وأمن العاملين في المجال الإنساني، ويُعتبر اعتداءً مباشرًا على حق المواطنين في الوصول إلى المساعدات المنقذة للحياة.

 

وقد أكدت “الأمم المتحدة” في بيان رسمي لها أن جماعة الحوثي نفذت موجة جديدة من الاعتقالات طالت عددًا إضافيًا من موظفيها، مما دفعها إلى “تعليق جميع تحركاتها الرسمية” في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة. يعكس هذا القرار مدى الخطورة التي يتعرض لها العاملون في المجال الإنساني، كما يكشف حجم القيود والانتهاكات التي تعيق العمل الإغاثي في اليمن. إن احتجاز العاملين في المنظمات الدولية لا يمثل انتهاكًا للقانون الدولي فحسب، بل يُظهر أيضًا النية في تقويض استقلالية العمل الإنساني في البلاد.

 

وتندرج هذه الاعتقالات ضمن “حملة إعتقالات وإخفاء قسري واسعة النطاق” بدأتها جماعة الحوثي منذ أواخر مايو/أيار 2024، مستهدفة عشرات الموظفين اليمنيين العاملين في منظمات دولية ومحلية وشركات تجارية. ومن بين هؤلاء موظفون في المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، و مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، والمعهد الديمقراطي الأمريكي، والصندوق الاجتماعي للتنمية، ومنظمة شركاء اليمن، والائتلاف المدني للسلام، بالإضافة إلى العديد من المنظمات والشركات الأخرى. ولا يزال عدد من المختطفين محتجزين قسريًا حتى الآن، دون أي إجراءات قانونية أو مبررات واضحة لـ احتجازهم، مما يشكل انتهاكًا صارخًا “للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، التي تحظر الاعتقال التعسفي وتؤكد على ضرورة توفير محاكمة عادلة وفقًا للمعايير الدولية.

 

إن استمرار هذه الانتهاكات التي تقوم بها جماعة الحوثي، سيكون لها تأثير مباشر على حياة اليمنيين، حيث لتشكل تهديدًا كارثيًا لملايين المدنيين في اليمن، حيث أن تعليق أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية نتيجة هذه الاعتقالات التعسفية يعرض أكثر من نصف سكان اليمن، الذين يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة، لخطر جسيم. وفي ظل أزمة إنسانية تُصنف ضمن الأسوأ عالميًا، فإن التضييق على العمل الإنساني لن يؤدي إلا إلى تفاقم أزمة الغذاء وتفشي الأمراض وتضرر آلاف النازحين، مما يعرض حياة الملايين للخطر، وهذا يشكل انتهاكًا صارخًا لالتزامات جماعة الحوثي كسلطة أمر واقع بموجب القانون الدولي الإنساني، الذي يفرض على جميع أطراف النزاع ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

 

تدعو منظمة هيومينا جماعة الحوثي إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطفين من العاملين في المجال الإنساني والصحفيين والناشطين، ووقف جميع أشكال الملاحقة والتضييق التي تستهدف المنظمات الدولية والمحلية، كما تحث المجتمع الدولي على اتخاذ موقف حازم وفاعل تجاه هذه الانتهاكات، ووضع حد لسياسة التهاون التي جعلت أطراف الصراع في اليمن تعتقد أنها بمنأى عن المساءلة، مما شجعها على تصعيد ممارساتها القمعية دون رادع.

 

وتحمّل هيومينا الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا مسؤولية حماية المدنيين ومنظمات المجتمع المدني، باعتبارها الممثل الشرعي للشعب اليمني، وتدعوها إلى اتخاذ إجراءات جادة وفعالة لضمان استقلالية العمل الإنساني، وحماية العاملين في هذا المجال من أي انتهاكات.

 

إن استمرار هذه السياسات القمعية من قبل جماعة الحوثي، في ظل صمت دولي متزايد، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاضطراب وتصاعد الانتهاكات ضد الإنسانية. لذا، فإن التحرك الفوري أصبح ضرورة ملحة لوضع حد لهذه الممارسات وضمان حماية الحقوق الأساسية لجميع اليمنيين.

Facebook
Twitter
Email
Print

Facebook

Twitter