هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية تنشر ورقة بحثية بعنوان “التجمع السلمي تحت النار: انتهاكات السلطة لحق التظاهر في لبنان“، تتناول الورقة البحثية واقع الحق في التجمع السلمي في لبنان، مسلطة الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه هذا الحق في ظل الظروف السياسية والأمنية المتقلبة. تقدم الورقة تحليلاً معمقاً للمخاطر التي يواجهها النشطاء والناشطات والمتظاهرون/ات في لبنان، وتعرض شهادات موثقة توضح كيف أصبح التجمع السلمي محفوفاً بالمخاطر، مع تصاعد القمع والعنف من قبل السلطات.
تتضمن الورقة البحثية توثيقاً دقيقاً لأحداث هامة شهدتها لبنان، مثل احتجاجات 2015 التي اندلعت على خلفية أزمة النفايات، حيث واجه المتظاهرون قمعاً شديداً من قبل قوات الأمن التي استخدمت القوة المفرطة لتفريق التجمعات. كما تناولت الورقة الاحتجاجات التي اندلعت في 17 أكتوبر 2019، والتي تعد من أبرز الأمثلة على القمع الذي يتعرض له المتظاهرون في لبنان. توضح الورقة كيف واجه المتظاهرون في هذا اليوم العنف المفرط من قبل قوات الأمن، بما في ذلك استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق التجمعات السلمية. هذا العنف لم يقتصر على الاحتجاجات الكبرى فقط، بل شمل أيضاً احتجاجات أصغر حجماً مثل تلك التي حدثت في طرابلس في يناير 2021، حيث تم اعتقال عشرات المتظاهرين بشكل تعسفي، وهو ما يعكس استراتيجية القمع المستمرة ضد الأصوات المعارضة. كما تطرقت الورقة إلى الأحداث المأساوية التي وقعت في 8 آب 2020، في أعقاب انفجار مرفأ بيروت. شهدت تلك الفترة احتجاجات واسعة ضد الفساد الحكومي والإهمال، حيث خرج الآلاف إلى الشوارع للمطالبة بالعدالة والمحاسبة. لكن الرد الأمني كان عنيفاً، حيث تم استخدام القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين، مما أدى إلى إصابات واعتقالات واسعة. توثق الورقة كيف استُخدم العنف بشكل منهجي ضد المتظاهرين، في محاولة لإسكات الأصوات التي تطالب بالإصلاح والعدالة.
تستند الورقة إلى شهادات حية من النشطاء والناشطات الذين يروون تجاربهم مع القمع والترهيب خلال مشاركتهم في هذه التجمعات السلمية. تظهر هذه الشهادات أن المتظاهرين غالبًا ما يواجهون ردود فعل عنيفة من قوات الأمن، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والاستخدام المفرط للقوة. أحد الشهادات يصف كيف أن الاحتجاجات السلمية تحولت إلى مشاهد من الفوضى والعنف بسبب التدخل الأمني الشديد، مما أدى إلى إصابات واحتجازات غير قانونية.
تحلل الورقة البحثية أيضًا الإطار القانوني الذي يُستخدم لتبرير هذه الانتهاكات، مشيرة إلى القوانين والتشريعات التي تم تفعيلها لقمع الأصوات المعارضة والسيطرة على الفضاء العام. تُظهر الورقة كيف استُخدمت هذه التشريعات كوسيلة لقمع المجتمع المدني ومنع المواطنين من التعبير عن آرائهم بحرية.
تتناول الورقة التأثير النفسي والاجتماعي على الأفراد الذين تم استهدافهم بسبب مشاركتهم في التجمعات السلمية، مشيرة إلى الأثر العميق الذي يتركه القمع على النسيج الاجتماعي وقدرة المجتمع على تنظيم نفسه للدفاع عن حقوقه. كما تسلط الضوء على التحديات التي تواجهها المنظمات الحقوقية في لبنان، والتي تسعى لحماية حقوق المتظاهرين والنشطاء في ظل بيئة سياسية وأمنية معقدة.
في الجزء الأخير من الورقة، تُطرح مجموعة من التوصيات الهامة الموجهة للمجتمع الدولي وللمنظمات الحقوقية الدولية. تدعو هذه التوصيات إلى تقديم الدعم للمجتمع المدني اللبناني وللنشطاء الذين يتعرضون للتهديد بسبب مشاركتهم في التجمعات السلمية. كما تؤكد الورقة على ضرورة تعزيز الحماية القانونية للنشطاء وضمان استمرارهم في العمل في بيئة آمنة.
تُختتم الورقة بدعوة إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية الحق في التجمع السلمي في لبنان، مشددة على أهمية دعم الجهود الرامية إلى تعزيز حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات الأساسية في البلاد. تقدم هذه الورقة نظرة شاملة على التحديات التي تواجهها الحريات المدنية في لبنان، وتعد مرجعًا أساسيًا لفهم الواقع الميداني لحقوق الإنسان في لبنان وكيفية التصدي للقمع المستمر.